مالي وترحالي.. وقصص لعيالي، ونوتة مذكراتي وسيرة حياتي، قرآن، و إم بي ثري، وسيديهات ديفيدي، وكُتب وروايات وحاجات ومحتاجات .. في "شنطة سفر"!

بحث في المدونة

ليلة المسرحية.. البروڤة الأخيرة

الأحد، 25 مايو 2014


مرّ من الزمن عشرة أشهر على إصدار بيان القوات المسلحة لخارطة الطريق أو المعروف إعلامياً بـ «بيان عزل مرسي» ومن وقتها استدعت السلطة الانتقالية مزيج من الحماقات والجرائم من كل العصور السابقة، بواقع حماقة من كل عصر، فرأينا قانون منع التظاهر الصادر عن سلطة الاحتلال الإنجليزي يعود إلينا في 2014 على يد سلطة انتقالية قد جاءت عن pطريق التظاهرات والاعتصامات، ومن قبلها أعلنت الدولة عن نيتها في الإجهاز على أي صوتٍ معارض، فملأت السجون بالأبرياء وأقامت المجازر في حق المعارضة الجديدة، وفي ترسيخٍ واضح للديكتاتورية والإنحياز لأصحاب رؤوس الأموال على حساب الشعب وسيادته أصدر مجلس الوزراء قانوناً يمنع الطعن في العقود المبرمة بين الدولة وأي مستثمر حتى وإن كان عقداً باطلاً ينافي الدستور والقانون فليس من حق أي مواطن الطعن في صحة هذا العقد، إلا لو كان طرفاً أولاً (الدولة) أو ثانياً (المستثمر).
في وسط هذا المناخ المختنق بالكبت والقمع وتقييد الحريات، نصل اليوم إلى الفصل الأخير من رواية الديموقراطية الناشِئة على يد چنرالات الجيش ورجال أعمال مبارك. بهذا الفصل تنتهي الفترة الانتقالية الانتقامية، ليبدأ عصر الديكتاتورية المستقرة.

- هل الانتخابات القادمة مسرحية؟

الإجابة الأوقع أن "الانتخابات مسرحية" القادمة وبعد القادمة. تتوافر ضمانات النزاهة والشفافية أحياناً، وتغيب العدالة وتكافؤ الفرص دائماً.
تبقى الانتخابات بشكلها الحالي حكراً على من يمتلك المال والسلاح، وابن النظام (معارضاً أو حليفاً).
مسرحية تلقى استحسان الجمهور، إن حاولت إفساد متعتها على الجمهور، فهم أول من سوف يتصدى لك، قبل الممثلين والقائمين على العرض.

نعم هيّ مسرحية، فإن لم تستطع إفسادها، فحاول أن تشارك بها.

- ما فائدة تكرار خطأ التصويت لمرسي وعصر الليمون مجدداً؟

لم يكن التصويت لمرسي أمام رئيس وزراء مبارك ووزير طيرانه السابق خطأً، الخطأ كان في عدم اتفاق القوى الثورية على مرشحٍ واحد، وقد اعترف الجميع بهذا الخطأ.
لا يمكن أنا نهجر المجتمع طويلاً ونبقى في خندقٍ مظلم نبحث وندرس الوضع السياسي متناسيين رؤية الشعب لأساليب التغيير وإن اختلفنا معها.
كان من الضروري أن يُهزم رئيس وزراء مبارك بعد ثورة قامت ضد رئيسه، كما أن من الضروري أن يُهزم عضو مجلسه العسكري وقائد الثورة المضادة، أو تحجيمه، وهذا أضعف الإيمان.

- ألن تكون المشاركة في هذه المسرحية خيانة للثورة ودماء الشهداء؟

لن تكون المقاطعة انتصاراً للثورة، ولا المشاركة خيانةً لها. إن الثورة خارج كل تلك الحسابات.
إن كان رهانك على المجتمع الدولي، فالواقع أنه لا يأبه لتفاصيل سياسات دول العالم الثالث بحق، مادامت المصالح قائمة.
أما بالنسبة لفكرة تكوين كتلة معارضة من المقاطعين، فإني أرى أن ليس بها من المنطق شيء، لم نقم ببدء حملة مقاطعة إيجابية تُكوّن رفضاً شعبياً للإنتخابات، بل بالعكس، الأفراد غير المشاركين سوف يضاف عددهم إلى الكتلة الثابتة التي لا تشارك أصلاً في أي إنتخابات.
 ومن المتوقع أن تشارك الجماهير، إما أن نكون جزءاً منهم ونسعى لأن نميل بهم إلى أقرب الطرق التي تمثّلنا، حتى وإن أكدنا على فكرة أن لا يوجد للثورة مرشح، ولكن هناك ثورة مضادة تحقق انتصاراً تلو الآخر، ولها مرشح في الانتخابات القادمة.. أو أن نبتعد عنهم خطوةً أخرى غير المئة خطوة التي ابتعدناها عنهم من قبل.

الثورة والسياسة، مساران متوازيان، من الصعب أن يتقاطعا. فحاول أن تختار بينهم، السياسة اليوم، وغداً الثورة.

لن تستطيع أن تكسب كل شيء، فلا تخسر كل شيء.

ده باينّه انقلاب ولّا إيه!

الثلاثاء، 28 يناير 2014

ثورة دي ولّا انقلاب؟ .. في البداية كان حديث الساعة في وسائل الإعلام بعد أن خرج علينا الفريق أول عبدالفتاح السيسي (قبل أن يوفّقه الله لرتبة مشير) ببيان 3 يوليو، يعلن فيه عزل الدكتور محمد مرسي، وتنصيب المستشار عدلي منصور كرئيسًا مؤقتًا للدولة. ثم بعد ذلك تحوّل السؤال إلى مطلع أغنية إخوانية، وسرعان ما أصبح إفيه شبابي يُستعمل للهروب من أي نقاش عقيم، مثل الجدل حول "هناكل إيه النهاردة؟".

أصبح من الضروري أن نضع حدًا لهذا التساؤل.. ثورة أم انقلاب.. ثورة شعبية، أم انقلاب على الشرعية؟
بشكل شخصي، وإن طُلب مني أن أدلو بدلوي في نقاش على إحدى المقاهي، فسأجاوب مُسرعًا "انقلاب" غير مهتمًا بنظرات الاستهجان والخوف منّي كإرهابي، ثم أطلب أن ننتقل إلى موضوع آخر أكثر أهمية للنتناقش حوله وليكُن عودة الزمالك، أو حلقة الشيف الشربيني أمس التي كانت عن وجبة "الصي فوض" كما يُسميها.

ولكن بما أنه مقالي، في مساحتي الخاصة للتدوين و"الرغي"، فقد تكون تلك هي الفرصة الأنسب لكي أُعرب فيها عن رأيي في ما حدث. 
ثورة أم انقلاب.. ليست المشكلة في 30 يونيو، بل من الفترض أن يُركَّز الحديث على 3 يوليو.
ما حدث كان تأسيسًا لفاشيةٍ عسكريةٍ جديدة! إن لم يكن إنقلابًا على شرعية الرئيس المنتخب كما يدّعي دراويش مرسي، فهي ثورة مُضادة لـ ثورة 25 يناير لما لها من تبعات، وإن لم تكن ثورة مضادة فهي انقلاب على إرادة الجماهير. فقد كانت مطالب القوى الثورية التي دعَت ونظّمت وشاركت في تظاهرات 30 يونيو واضحة؛ كانت تطالب بانتخابات رئاسية مُبكرة، ولم يكن اختراعًا سياسيًا جديدًا، ولكن سمعنا عنه من قبل في أوروبا والدول المتقدمة، ولم يحدث بعده تدخلًا عسكريًا للإطاحة بالرئيس أو للحفاظ على الأمن.

ظهرت بعض الأصوات التي ترى أن ما حدث كان إنقلابًا عسكريًا بامتياز، وأن التحرك بالأساس كان تحرّكًا للجيش قبل 30 يونيو حين انتشرت قوات الجيش في الشوارع، وصدرت تصريحات تفيد ضمنيًا بأن الجيش مع عزل مرسي..
 فكابر الجميع، خوّنهم البعض، وزايد عليهم البعض الآخر، وكان كثير من المُكابرين -للأسف- رفاقًا في طريق الثورة والنضال من أجل الحرية الكاملة وإسقاط هيمنة المؤسسة العسكرية على الحياة السياسية في مصر. وراحوا يدافعون عما حدث ويبررونه، مدعيين أنه كان ضرورةً لمواجهة خطر الإخوان، لإن الجيش هو القوة الوحيدة القادرة على دحر الإخوان. طيّب! 
ثم راحوا لما هو أبعد من ذلك، ودافعوا واستماتوا دفاعًا عن "التفويض" الذي طلبه السيسي للقضاء على الإرهاب -قاصدًا الإخوان- الذي تبعهُ "مجزرة" رابعة والنهضة، التي راح ضحيّتها 1684 قتيل كحد أدنى (نقلاً عن ويكي ثورة).

مرّت الأيام، وتناسى الأصدقاء الثوريون كل شيء، دماء قتلى الإخوان، والسجون الممتلئة بأبرياء ليس لهم علاقة لا بالعنف ولا بالجرائم السياسية لقادة الإخوان، وغضوا البصر عن الاتهامات المضحكة التي توجّه لمُراهقي الإخوان مثل "حيازة مسطرة رابعة" و "حيازة بالونات رابعة".
ثم بدأ بعض الحراك الثوري ضد السلطة الحالية بعد إقرار قانون التظاهر، وشعر البعض أن هناك خطرًا ما يهدد حلم الثورة.. زاد تعداد القتلى والمعتقلين، ولكن هذه المرّة من صفوفنا، صفوف القوى المدنية المُناهضة لحكم الإخوان!

كل ما ذُكر لم يحرّك ساكنًا في صديقي الثوري، ولكن في مشهدٍ دراميٍ صادم، تم ترقية السيسي إلى مشير، ثم من بعدها تم تفويضه من قبل المجلس الأعلى للقوات المُسلّحة كي يترشح للرئاسة، مما يعني أن المجلس أصبح حزبًا سياسيًا مُسلّحًا لا يمكن مواجهته بالصندوق، وأن السيسي لم يفي بوعده بعدم ترشّحه، وأن أحلام صديقي الثوري انقلبت إلى كابوس..

ثم أطرق صديقي رأسه وقال مُتمتمًا.. ده باينّه انقلاب ولّا إيه!!


27 يناير 2014 - عبدالله خيري